بقلم: نورالدين علواش
شهدت الطبعة الـ 27 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب التي اختُتمت قبل أيام وحملت شعار “نقرأ لننتصر”، إقبالا قياسيا للقراء ومحبي الكتاب من مختلف ولايات الوطن وحتى من الخارج، حيث كانت الفرصة مواتية للوافدين الشغوفين بصوت الورق، لاقتناء الكتب التي غصّت بها رفوف دور النشر ومختلف أجنحة الصالون، كل وفق اهتماماته ورغباته. كما كان هذا الموعد الثقافي فرصة مواتية لزوار المعرض للالتقاء بكُتّابهم المفضلين والظفر بتوقيع خاص على كتبهم .. وكم كانت الفرحة كبيرة بالنسبة لمرتادي المعرض وحتى الكتاب ودور النشر بذلك التلاقي الراقي.
وكانت هذه الطبعة استثنائية من حيث الرقم القياسي الذي سُجل لعدد الوافدين طوال أيام المعرض المقدر بأزيد من أربعة ملايين زائر وكذا تزامن الطبعة مع الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية والرمزية التاريخية التي يحملها شهر الشهداء نوفمبر ومن حيث ضيف الشرف قطر التي نزلت على صالون الجزائر بتمثيل ثقافي رفيع والندوات المتنوعة التي عُقدت، خاصة تلك المتعلقة بالترجمة والأدب والفكر وتلك المتعلقة بقضية الأمة فلسطين الحبيبة وطوفان الأقصى وغيرها الكثير الكثير..
وما شدني في هذه الطبعة تزاحم واصطفاف آلاف المراهقين والشباب لاقتناء رواية “الخوف” والحصول على توقيع صاحبها الكاتب الشاب السعودي أسامة المسلم، وكأنه يخيّل إليك أن تلك الحشود البشرية تصطف وراء نجم من نجوم كرة القدم أو تلتف حول مغني شهير ملأ اسمه عنان السماء أو حول نجم سينمائي كسرت شهرته وأفلامه كل الأرقام القياسية لهوليود، لكن الحقيقة أن تلك الجحافل تسمّرت أمام باب المعرض لاقتناء رواية عرف صاحبها من أين تؤكل الكتف، درس جمهوره جيدا وكتب وفق أهوائهم ورغباتهم وعرف كيف يستغل وسائط التواصل الاجتماعي للترويج القبلي لمولوده الجديد وراح يشكل غرفا قُرائية افتراضية مع محبيه وكانت النتيجة كما رأى الجميع وتداولته حتى أكبر القنوات الفضائية العالمية.
ليس أسامة المسلم وحده من صنع الاستثناء، بل حتى كتاب وشعراء وصحفيين جزائريين استقطبوا جمهورا واسعا من مختلف الفئات، حتى أنهم أعلنوا نفاذ كتبهم خلال هذه الطبعة، على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الصحفي والشاعر إبراهيم قارة علي الذي شارك بكتابين، “ألفية الجزائر” وديوان “أبي تحت الشجرة” والصحفي الكبير عثمان لحياني الذي شارك بكتابه “أسئلة الطوفان، وأجوبة الثورة” والوزير الأسبق والدبلوماسي صاحب القلم الذهبي الدكتور محي الدين عميمور الذي كان كذلك نجم الصالون، والصحفي أسامة وحيد الذي شارك بمجموعة من إصداراته، إضافة إلى كتاب وأدباء وشعراء مرموقين، عرفوا كيف يوظفوا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المعجبين فكان لهم ذلك.
صحيح أن أيام سيلا 2024، قد نفدت، لكن التجارب والمحصلة كانت ايجابية سواء بالنسبة للمنظمين أم بالنسبة لدور النشر والكتاب المشاركين في هذه الطبعة، لكن يبقى الرهان هو جعل هذا الصالون بزخمه وقوته موعدا ثقافيا بارزا ليس على المستوى الوطني و العربي فحسب بل حتى على المستوى الدولي.