نورالدين علواش
يقال في الأثر إن الذئب حاول مرة تلميع صورته أمام الأغنام بلباس الحمل؟”، ويقال كذلك إن الذئب لبس قناع الحمل ليخدع القطيع ، لكن عين الحقيقية لا تخدع. ويقول مثل صيني إن الزيف لا يدوم والحقيقة ستظهر في النهاية. هذه الجملة تشبه محاولة نظام المغرب تلميع صورته بترشيح نفسه لجائزة نيلسون مانديلا، رغم سجله الأسود في انتهاك حقوق الإنسان.
ترشيح نظام المغرب لجائزة نيلسون مانديلا لا يمكن إلا أن يثير استغرابًا وانتقادات واسعة، نيلسون مانديلا كان رمزًا للنضال ضد الظلم والاستبداد. بينما يُعرف نظام المغرب بتقييد الحريات وكتم الصوت الحر، وتكميم الأفواه وملاحقة المعارضين، وانتهاك سيادة دولة اسمها الصحراء الغربية المحتلة ، هذا الترشيح يبدو متناقضًا مع قيم مانديلا، حيث يسعى النظام المغربي لاستغلال اسم مانديلا لتلميع صورته الدولية، لكن هيهات هيهات، فالعديد من المنظمات الحقوقية تعبر اليوم عن استيائها من هذا الترشيح، معتبرة أنه يُعد إساءة لذكرى مانديلا وقيمه وتاريخه النضالي، وهي التي تعرف حقيقة المخزن وجرائمه اللامتناهية.
من أهداف جائزة الأمم المتحدة لنيلسون مانديلا التي تحمل اسم رمز من رموز الحرية والعدالة، والتي أنشأتها الجمعية العامة بقرارها 68/275 المؤرخ 2014، هو التنويه بالإنجازات التي حققها أولئك الذين يكرسون حياتهم لخدمة الإنسانية، بالترويج لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بالحاح، ماذا قدم نظام المخزن خدمة للبشرية، سوى بصمات الظلم في كل مكان وهو الذي يملك سجلا أسود في قمع الحريات، والمتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خاصة في منطقة الريف والصحراء الغربية المحتلة.
نظام المخزن الدموي، الذي رشح أمينة بوعياش، لجائزة نيلسون مانديلا لعام 2025، لا يمكن سوى تنصيف خطوته الدنيئة وغير الاخلاقية البتة، في خانة محاولة كسب دعاية زائفة وبياض سرعان ما سيتلطخ بتراب الحرية المفقودة في المغرب وأهات أولائك الذين لفحتهم نيران الظلم المخزني في دهاليز هذا النظام القمعي، ولا يمكن إلا أن نعتبر الخطوة هذه إلا إساءة بالغة لذكرى وإرث نيلسون مانديلا، رمز عالمي للمقاومة ضد الظلم والتعذيب والقمع.
ولو كانت مساحة هذه الزاوية تسمح لسردنا قائمة قد تطول لأسماء وشخصيات تتتعرض يوميا لأشكال وألوان مختلفة من التعذيب المخزني والقمع والمضايقات القضائية والانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، التي وثقتها عدة منظمات حقوقية دولية، لتبقى اللجنة المسؤولة عن تنظيم هذه الجائزة، أمام امتحان المصداقية وهي التي تصلها يوميا دعوات متعددة تنبهها بوجوب رفض ترشيح أمينة بوعياش التي أيدت المحاكمات غير العادلة ضد نشطاء الريف والصحراويين، للحفاظ على نزاهة الجائزة والإعراب عن الإجلال في الوقت نفسه لحياة نيلسون مانديلا غير العادية وتراثه الرائع القائم على المصالحة والانتقال السياسي والتحول الاجتماعي والدفاع عن المستضعفين والمظلومين.