في عيادته الواقعة ببئر خادم بالعاصمة، والمكتظة بالحالات المرضية المزمنة والمستعصية التي أعيت أصحابها، فراحوا يبحثون عن أمل جديد في العلاج بعيدا عن الأدوية الكيميائية التي أثقلت أجسادهم المنهكة،التقت “مجلة الحوار” بالدكتور محمد حسان أخصائي التغذية العلاجية وخبير الأعشاب، أين كشف لنا عن أهمية التغذية العلاجية في الوقاية والشفاء من الأمراض. كما تحدث الأخصائي عن سحر العلاج بسم النحل وما يحمله من شفاء لحالات مرضية يصنفها الطب الحديث بأنها مزمنة، وكذا الحجامة وفوائدها التي لا تعد ولا تحصى. كما تطرق الدكتور محمد حسان إلى معضلة البدانة، التي اعتبرها مرضا معقدا تؤدي إلى انخفاض عمر الفرد أو إلى إصابته بمشاكل صحية.
• حاورته: سامية حميش
- مرحبا بك دكتور محمد حسان في مجلة الحوار..نستهل لقاءنا بالحديث عن مفهوم التغذية العلاجية وأهميتها في حياتنا ؟
قبل الحديث عن مفهوم التغذية العلاجية نتكلم عن التغذية بشكل عام، والتي تعتبر أسلوب حياة يومي وتكمن أهميتها في ماذا نأكل وكيف ومتى نأكل؟ ومن هنا تبدأ الرحلة في الحفاظ على صحة أجسادنا بعيدا عن الأمراض، ولو رجعنا إلى غالبية الأمراض وكيف تحصل، نجد أن للتغذية اليومية دورا مهما في أسباب حصولها،أما التغذية العلاجية فنلجأ لها لإصلاح ما فسد من أجسامنا نتيجة أسلوبنا الخاطئ في التغذية، و لو رجعنا إلى منهج ديننا الحنيف والذي بين فيه ربنا سبحانه وتعالى كل أمور حياتنا، ومن ضمن هذه الأمور هي التغذية، فقد قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز في سورة طه الآية 80 بسم الله الرحمان الرحيم “كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى( أي هلك ) وفي الآية 24 من سورة عبس قوله تعالى “فلينظر الإنسان إلى طعامه” والفاء هنا استئنافية واللام للأمر وينظر فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون، وقال أيضا في سورة الأعراف الآية 31( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) كما حدثنا معلم البشرية الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الخصوص بأحاديث كثيرة ومنها قوله “ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه”..بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه” رواه الألباني وصححه الترمذي في السلسلة الصحيحة، وشهوة البطن من أعظم المهلكات وسبب كثير من الآفات والأمراض. وقد قالت العرب قديما”المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء” وإن دل هذا على شيء يدل على أنهم كانوا أصحاب حكمة ورأي رشيد واتبعوا طريق الحق والصواب في غذائهم. وأكبر دليل على ذلك أن الأمراض المنتشرة في زماننا هذا لم نكن نسمع عنها في أسلافنا. ومن هذا المنطلق فإنه يجب علينا معرفة أن دواءنا في غذائنا.
- ما علاقه الغذاء بظهور بعض الأمراض المزمنه من خلال التأثير في الكائنات الحيه الدقيقه التي تعيش في امعائنا؟
طبعا للغذاء دور أساسي في الحفاظ على البكتيريا النافعة في الأمعاء، والتي بدورها تعتبر الأساس في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، ومنه إلى باقي أعضاء الجسم. وفي حال تناول أغذيه خاطئة تساعد على تدمير وموت تلك البكتيريا ونكون قد وضعنا أنفسنا في بداية ظهور المشاكل المرضية، ومعظم إن لم يكن جل الأمراض المزمنة تبدأ أساسا من جهازنا الهضمي والأمعاء تحديدا، إضافة إلى نقص حمض المعدة، فهو البوابه الأولى في رحلة هضم وتحليل الطعام والمعدة هي بيت الداء.
- هل تتوقف أهمية التغذية عند الوقاية أم أنها علاج في حد ذاتها للكثير من الأمراض حتى المزمنة منها؟
تنقسم الإجابه عن هذا السؤال إلى قسمين، أما القسم الأول فهو أن اتباع الغذاء الصحيح والصحي يكون وقاية لتجنب حصول الكثير من الأمراض مثل أمراض القلب وتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض الفقرات والمفاصل، إضافة إلى الحصول على صحة عقليه ونفسيه أفضل، كما أنه يريح ويحسن صحة الجهاز الهضمي كما يساعدنا في رفع مناعة الجسم ضد الأمراض بشكل عام، وأما القسم العلاجي في الغذاء فنلجأ له بحال حصول مرض معين سواء مناعي أو عضوي لتجنب تفاقم الحاله أكثر ومحاوله إصلاح ما فسد من الجسم نتيجة التغذيه الخاطئة.
- هل هناك محظورات غذائية على الإنسان التخلي عنها بعد عمر معين حتى ولو كان معافى؟
بشكل عام يجب علينا تثقيف أنفسنا غذائيا ومعرفه ماذا نأكل ومتى وكيف نأكل، والأكيد أن لكل جسد احتياجاته من الفيتامينات والمعادن والسكريات والنشويات الصحية والألياف والبروتينات لنعيش في توازن وصحة جيدة، والواجب التخلي عنه هو التغذيه الخاطئة وإدخال كربوهيدرات ضارة ومهدرجة وسكريات مصنعه غير موزونة ومواد حافظة ومنكهات صناعية إلى أجسامنا لأنها حتما ستتعب الجهاز الهضمي وتتلف الكبد وتؤثر على كل عضو في أجسامنا والعاقل من عقل ماذا يأكل.
- هل للبدانة دور في رأيكم في تأزم حاله المريض وهل يتخلص المرضى تلقائيا من الوزن الزائد بفضل التغذية العلاجية؟
أنا أعتبر السمنة أو البدانة مرضا معقدا تزيد فيه كمية دهون الجسم زيادة مفرطة، مما يسبب آثارا سلبية على الصحة، مؤديه بذلك إلى انخفاض عمر الفرد أو إلى حصول مشاكل صحية متزايدة مثل أمراض القلب والشرايين والسكري والتأثير على النفس وأحيانا تؤدي إلى توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم، إضافة إلى تأثيرها النفسي على حالة البدين، والتي تؤدي إلى الاكتئاب والشعور بالخجل والنقص أمام الأشخاص المحيطين به، مما ينعكس سلبا على الحالة النفسية للبدين.
- من هي أكثر الحالات المرضية التي تتوافد على مركز العناية الجسدية للبدائل الطبيعية؟
بالمرتبة الأولى أصحاب مشاكل الجهاز الهضمي بصفه عامة، ثم الذين يعانون من مشاكل الفقرات والمفاصل وبشكل عام و كل من يقوم بزيارة مركزنا هدفه البحث عن طريقة صحية وصحيحة، وروتين ونظام غذائي متوازن وموزون لإصلاح وعلاج ما يعاني منه من آلام جسديه ونفسية نتيجة التغذية الخاطئة المتبعة، والتي ربما نشأ ووعي عليها وأصبحت روتينا خاطئا نبحث في التخلص منه.
- انتشرت في زماننا الكثير من الأمراض التي لم نكن نسمع عنها سابقا على غرار الأمراض المناعية..ما علاقة هذه الأمراض التي يسميها الطب الحديث مستعصية بالتغذية؟
نعم أكيد ونرجع هنا إلى قول رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم ما أنزل الله من داء إلا قد أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، والحكمة هنا في قول الرسول الكريم هي في علمه من علمه وجهله من جهله، أي أننا عندما نقول أن هذا الداء ليس له دواء فنحن بذلك نطعن في قول أصدق الخلق، والصواب أن نقول أنني لا أعلم كيف أعالجه. برجوعنا إلى السؤال نعم هناك بروتوكول علاجي متكامل لكل حالة مرضيه تشمل نظام غذائي إضافة إلى أعشاب معينه قد نلجأ لها أحيانا كعامل مساعد، إضافة الى تقنيات أخرى في العلاج مثل سم النحل والحجامة حسب ما تقتضيه كل حاله وحسب مدة الإصابة بهذا المرض، فكل ما كانت الحاله جديدة كان العلاج أقل وقتا وأسرع والعكس صحيح.
- وهل يمكن لهذه الفئة من المرضى الوصول إلى الشفاء التام من خلال بروتوكول علاج محدد؟
نعم أكيد وكثير من الحالات المتابعة عندنا قد وصلت إلى شفاء تام بفضل الله وحالات أخرى وصلت إلى نسبة تحسن 80 إلى 90% والحمد لله وكل ذلك موجود ومثبت بتحاليل تؤكد هذا الكلام.
- حدثنا قليلا عن مصل النحل أو سحر الشفاء من الأمراض؟
سم النحل أو مصل النحل قبل البدء بالحديث عنه، نذكر قوله سبحانه وتعالى الآية 69 من سورة النحل بسم الله الرحمان الرحيم “وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)”. وقد بين الله تبارك وتعالى أن بطون النحل يخرج منها شراب مختلف ألوانه، وأن هذا الشراب فيه شفاء للناس، فهناك العسل وهناك سم النحل الذي يجاور العسل في بطون النحل وهناك العكبر وهناك الغذاء الملكي وهناك حبوب اللقاح وهناك الشمع، وكل تلك المنتجات إما أن تخرج من بطون النحل أو تعامل بما في بطون النحل فتكتسب خواصا علاجية للناس. وهذا ما أثبتته الأبحاث العلمية والنحل مجتمع أنثوي بامتياز ونلاحظ في خطاب، ربنا جل جلاله يأتي بالتأنيث فيقول سبحانه وتعالى “اتخذي..كلي..فاسلكي..بطونها” وأما الذكور فلا دور لهم في الخلية ولا مهمة سوى تلقيح العذراء لتصبح ملكة، وبعد ذلك يتم القضاء عليها عند باب الخلية، فقد انتهت مهمتها ولم يعد لها أي عمل مفيد ولا تمتلك حتى سم، وليس لديها بطون لجمع العسل وهنا معجزة القرآن في خطاب التأنيث.ولسم النحل مكونات كيميائية كثيرة نذكر منها البروتينات والبيبتيدات والفوسفولبيدات والأمينات الأحادية الحيوية النشطة مثل الهستامين والدوبامين والنورادرينالين والأحماض الأمينية و(الميليتين)، وهو البروتين الأساسي لسم النحل ويشكل 50 بالمئة من سم النحل الجاف ومن أهم وظائف هذا المكون تثبيط بعض الانزيمات المرتبطة بغشاء الخلية ومنع التوتر السطحي للأغشية ويعتبر كمضاد قوي للالتهابات بجرعات قليلة جدا. كما أن هذا البروتين ضابط قوي للمناعة فهو منشط للمناعة في حال انخفاضها ومثبط للمناعة في حال اختلالها وله أيضا أثر وقائي على الجهاز العصبي المركزي وتنشيط جهاز إذابة الجلطات فتساعد على التقليل من عملية تخثر الدم وبه أيضا مادة الميليتين، وهي مادة مضادة للسرطان كما أثبتت الأبحاث العلمية بأنها تقلل نشاط ( NF- KAPPAB NUCLEAR FACTOR KAPPA B)..ولهذا يمكن استخدامه في علاج السرطانات، وخاصة علاج سرطان البروستاتا أو الثدي وبه أيضا مادة الميليتين وهي مضاد بكتيري وفطري وفيروسي ولو أردنا شرح كل مكونات سم النحل لا يسعنا مجرد مقال في سطور.
- الحجامة بدورها لها دور مهم كذلك في التعافي من الأمراض ..حدثنا عن فوائد الحجامة العلاجية؟
قبل البدء بالحديث عن دور الحجامة العلاجية، يجب أولا تعريف الحجامة، فقد قال رسولنا الكريم والصادق الوعد الأمين والذي لا ينطق عن الهوى بالحديث الصحيح ” الشفاء في ثلاث كية نار أو شرطة محجم أو شربة عسل”. وفي حديث آخر قال ” أنا أنهي أمتي عن الكي “البخاري في الصحيح. وقد يتبادر إلى الذهن أن الحجامة وحدها هي طب تكاملي، وهذا غير صحيح فالحجامة، هي أحد أركان الطب التكاملي الضخمة، والتي تشمل علوما عديدة وتتمثل طريقة العلاج بكؤوس الهواء”الحجامة” في وضع كأس على جلد المريض وسحب الهواء منه لإحداث ضغط سلبي داخلي ليختلف عن الخارجي, والحجامة لغويا هي من الحجم أي المص وحجم الشيء أي مصه، والحجامة تاريخيا معروفة لدى الكثير من الشعوب منذ آلاف السنين في مصر ومنغوليا والصين واليونان وغيرهم. وكانوا يعالجون بها كثيرا من الأمراض ومن الآلام وتصفية الدم المتبيغ.
وعلاجيا للحجامة تأثيرا كبيرا على أجهزة الجسم المختلفة مثل الجلد والفروة مساهمة بتنشيط المناعة فيهما وتنشيط عمل الأوعية اللمفاوية، ولها تأثير أيضا على الجهاز العضلي والعظمي والعصبي. ومن هذا المنطلق يمكننا تفسير دور الحجامة فسيولوجيا في علاج مشكلات المفاصل والأمراض الروماتيزمية وأمراض العضلات وأمراض الأعصاب والعمود الفقري وكافة الأمراض الحركية، حيث أنها تعمل على إزالة الاحتقانات الدموية العضلية. كما تعمل على إخراج حمض “اللاكتيك- أسيد” من العضلات فيزول الإجهاد والشد العضلي. كما أنها تعمل على تنشيط الدورة الدموية بالأنسجة الرخوة حول المفصل من عضلات أو أربطة أو أوتار أو أنسجة ضامة، فتقلل الألم الناتج عن الأمراض الروماتيزيمية والتي تعكس دورها على الغشاء السينوفي يعمل على تقليل الاحتكاك في المفاصل .كما تعمل الحجامة على علاج مشاكل الجهاز السمبثاوي. كما أن لها تأثير جيد ومفيد للجهاز الهضمي والكبد. كما تعمل الحجامة على إخراج المادة المسببة للألم “prostaglandin” وهي مواد ناقلة للألم ..هذه المادة وظيفتها نقل إشارات الألم إلى المخ وعند إخراجها بالحجامة نكون قد قمنا بدور عمل المسكنات التي تعمل على منع تكوين هذه المادة حتى لا تنقل هذه الإشارات إلى المخ. وهذا جزء بسيط عن دور وفوائد الحجامة بشكل عام والحجامة العلاجية بشكل خاص. ولا يفي الوقت للتحدث عن جميع فوائد الحجامة التي لا تعد ولا تحصى.
- ما هو شعوركم كأخصائي تغذيه وخبير أعشاب أشرف على علاج هذه الحالات وزرع الأمل في حالات كانت تعد مستعصية ؟
أولا أحمد الله كثيرا الذي وفقني بما فيه خدمة للناس، وخاصة المرضى، والذي أنعم علي وعلمني ما لم اكن أعلم، وحقيقة أشعر بسعادة كبيره أنني ساعدت في تخليص هذا الشخص من ألامه ومعاناته واسأل الله أن يجعل عملي خالصا وفي ميزان الحسنات يوم القيامة إنه سميع مجيب.
- ماهي الحكمة التي يؤمن بها الدكتور محمد حسان في مجال التغذية العلاجية ويفيد بها جمهور الحوار؟
الحقيقه أنني أؤمن ومن خلال ما تعلّمت وجربت ودرست بحكمتين وليست حكمه واحدة، الأولى هي “غذاؤك دواؤك وإن لم يكن غذاؤك دواءك سيصبح دواؤك غداءك”، والحكمة الثانيه في بيت شعر يقول “دواؤك فيك وما تبصر. وداؤك منك وما تشعر وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر”.
- ما هي طموحاتك المستقبليه و العقبات التي واجهتها ؟
طبعا طموحي هو عمل مشروع استثماري زراعي لإنتاج النباتات الطبية النادرة واستخلاص الزيوت الطبية بمعظم أنواعها بهدف استهلاكها محليا وتصديرها إلى الخارج، وخاصة أنه يزداد الطلب على تلك الزيوت شريطه جودتها، إضافه إلى زراعة منتجات طبيعيه لطرحها في السوق المحلي من أجل أن تصبح متوفرة بكثرة وبأسعار في متناول الجميع، وهذا من أجل أن نساهم ولو جزئيا في صحة وسلامة الناس عن طريق غذائهم من الخضار والفواكه والدواجن ومنتجاتها، وأتمنى أن تكون الأمور فيها بعض التسهيلات الإدارية، كما أتمنى أن يجد الراغب في استثمار تلك المشاريع على تسهيلات تشجيعية من أجل النهوض بمثل تلك المشاريع التي تفيد الجميع وتساهم في زيادة اليد العامله وخاصة بين الشباب وتخفيف نسبه البطالة.