مصمم زخارف جامع الجزائر، عبد المالك موساوي لمجلة ” الحوار العقارية“:
يعتبر مصمم زخارف جامع الجزائر، عبد المالك موساوي في هذا اللقاء مع مجلة ” الحوار العقارية“، أن مشروع جامع الجزائر من بين المشاريع الضخمة في العالم من حيث المساحة والهياكل وعدد المساهمين في إنجازه من مختلف المستويات والجنسيات، الشيء الذي سمح له بأن يكون مسرحا لتبادل الخبرات في مستوى عالي لا مكان للضعفاء فيه، كاشفا أن معظم الزخارف المصممة لجامع الجزائر مستلهمة من التراث الزخرفي الجزائري، والبعض منها مستنبط من التراث الزخرفي الأندلسي وخاصة من قصر الحمراء، مشيرا أن هذه الزخارف تمثل كل الحقب التاريخية التي حكمت المغرب الأوسط (الجزائر حاليا) منذ بداية الفتح الإسلامي سنة 647 م إلى نهاية الحكم العثماني بالجزائر سنة 1830 م.
- كم هو جليل أن نستقبلكم في حوارنا، وكم هو أجل أن نستهله بالعريف بالسيد عبد المالك موساوي مصمم زخارف جامع الجزائر؟
العبد الفقير إلى الله عبد المالك موساوي 70 سنة خريج جامعة لورين تخصص تراث وعلم ا لآثار، خبير في الزخرفة الإسلامية من حيث تاريخها ورمزيتها ودلالتها وقواعد إنشائها وقوانين صنع الجمال التي ترافقها، ملم بجميع الفنون التقليدية التي ترافق العمارة الإسلامية. لدي 10 مؤلفات حول الزخرفة المغاربية الأندلسية والمشرقية، صادرة بعدة لغات. ساهمت في تكوين العديد من المهندسين المعماريين في مجال الزخرفة الإسلامية وشاركت في 36 ملتقى وطني ودولي حول العمارة الإسلامية والزخرفة كأستاذ محاضر.زخرفت خلال مساري المهني 26 مسجدا و4 قصور ضخمة ومطارين دوليين ومداخل 8 أنفاق على الطريق السريع و12 نزلا والعديد من الإقامات العامة والخاصة، رممت زخارف معلمين تاريخيين يعودان الى القرن الثالث عشر ميلادي.
- أوكلت لكم مهمة تصميم زخرفة جامع الجزائر ، كيف تم ذلك، و ما المكتسبات المهنية التي حققتموها من المشروع؟
يعتبر مشروع جامع الجزائر من بين المشاريع الضخمة في العالم من حيث المساحة والهياكل وعدد المساهمين في إنجازه من مختلف المستويات والجنسيات، الشيء الذي سمح له بأن يكون مسرحا لتبادل الخبرات في مستوى عالي لا مكان للضعفاء فيه. وبحكم تعاملي مع جميع الأطراف الفاعلة في هذا المشروع ومن مختلف التخصصات، اكتشفت أن تكويني ومكتسباتي الثقافية المتعددة التخصصات وخبراتي المهنية تؤهلني لمواجهة هذا التحدي وتسمح لي بأن أكون في المستوى المطلوب.
لكن ما اكتسبته من هذا المشروع كان أعظم وخاصة من حيث طرق تسيير المشاريع ومتابعتها وتقييمها، وكيفية تصميم الزخارف مع الأخذ بعين الاعتبار جملة من المواصفات التقنية المتعلقة بالصلابة والوزن والتثبيت ونسبة التخريم والإضاءة والتهوية وما شابه ذلك. في نفس الوقت مكنني المشروع من التعرف على مختلف آلات الإنجاز الرقمية الحديثة وكيفية تكييف التصاميم مع برامج التحكم فيها. مكتسباتي الثقافية هي الأخرى توسعت وازدادت كثرة وتنوعا بحكم البحوث في المراجع العلمية والتاريخية التي كانت تفرض نفسها قبل القيام بعمليات التصميم أو أثناها أو بعدها.
- جامع الجزائر هو صرح ديني و روحي متميز، لكنه تحفة جمالية، حدثنا عن ازدواجية الجمالية الروحية و الجمالية الشكلية؟
سيدي الكريم: معظم الزخارف المصممة لجامع الجزائر مستلهمة من التراث الزخرفي الجزائري، والبعض منها مستنبط من التراث الزخرفي الأندلسي وخاصة من قصر الحمراء. تمثل هذه الزخارف كل الحقب التاريخية التي حكمت المغرب الأوسط (الجزائر حاليا) منذ بداية الفتح الإسلامي سنة 647 م إلى نهاية الحكم العثماني بالجزائر سنة 1830 م.
وبما أن الزخرفة الإسلامية الجزائرية كانت وما زالت لغة تواصل، فإن كل الزخارف الموضوعة للجامع تحمل رمزية أو دلالة، مصممة بواسطة الإعلام الآلي (CAO) مستعملا في ذلك قواعد وقوانين التصميم الخاصة بالزخرفة الإسلامية أرفقتها بقواعد صنع الجمال مثل الرقم الذهبي ومتتالية فيبوناتشي أو الكسريات (Fractales) من أجل تحقيق قمة الإبداع الزخرفي والجمالي في آن واحد والتوافق التام بين المعايير العمرانية التقنية والأبعاد الجمالية التصميمية.
- ماهي التقنية التي استخدمت في انجاز زخارف جامع الجزائر؟
التقنيات المستعملة في إنجاز زخارفجامع الجزائر جمعت بين الأصالة والحداثة، فمنها ما أنجز يدويا من طرف حرفيين جزائريين مهرة من مختلف أنحاء القطر الجزائري. وشملت أعمال النقش على الجص والخشب والزخرفة على السيراميك باستعمال فن المنمنمات.أما الجزء الكبير من هذه الزخارف تم إنجازه بتقنيات حديثة عن طريق الحفر والنقش والحز بواسطة الآلات الحديثة ذات التحكم الرقمي (Machines à commandes numériques) والبعض الآخر أنجزعن طريق القولبة (moulage) وخاصة تلك التي أنجزت بالإسمنت المدعم بالألياف الزجاجية وهي تقنية حديثة تضمن جودة التنفيذ والمتانة والصلابة ومقاومة العوامل الطبيعية.
- ماذا يميز الزخارف الجزائرية عن غيرها؟
الزخارف الجزائرية راقيةو متنوعة، وفي غاية من الإبداع وهي تشتمل على أربعة أنواع وهي جزء لا يتجزأ من الطراز المغاربي الأندلسي، و ما يميز هذا الأخير، أن كل أنواع الزخارف المذكورة تجدها في اللوحة الواحدة، نجد الزخارف الخطية، الهندسية، والنباتية والمقرنصات، وهو ما يسمى بالطراز المغاربي الأندلسي، وهي موجودة في المعالم التاريخية التي لم يصلنا منها إلا القليل، وهو عكس الطراز المشرقي الذي نجد في لوحة واحدة نوع واحد من الزخرفة فقط،و فيما يخص الزخرفة الإسلامية، نجد المهندس الباحث انجليزي ” إيوان جونس” المتخصص في العمارة الإسلامية، كتب كتاب حول الزخرفة الإسلامية، هذا المهندس المعماري البريطاني الذي عاش في القرن التاسع عشر، في بحوثه يقول لا يوجد في الزخرفة الإسلامية زخرفة بدون معنى أو رمز، أو دلالة، وهذا لأن المزخرف المسلم كل أعماله تنبثق من المعتقد الديني أو الاجتماعي، وهذا ما نجده في المشغولات الموجودة في المعالم التاريخية، فكل زخرفة تنم عن رمزية أو دلالة.
- صدر لك كتاب حول المسجد الأعظم، هلاّ أعطيتنا بعض مضمونه؟
كلأعماليمنبحوثوتصاميموإنجازاتأوثقهامهماكاننوعهاالشيءالذيسمحليبإصدارعشرمؤلفاتحولالزخرفةالإسلاميةوبعدةلغاتكانآخرهمكتابحولجامعالجزائرجمعتفيهكلالتصاميموالأعمالالزخرفيةالتيأنجزتهامصحوبةبمرجعتهاالتاريخيةومادةصنعهاوالتقنياتالمستعملةفيذلك. كما أبرزت في هذا الكتاب المتكون من 320 صفحة، الدور الذي لعبه المغرب الأوسط (الجزائر) في نشأة وتطوير الزخرفة في الطراز المغربي الأندلسي. صدر هذا الكتاب في طبعة جد راقية وفي خمس لغات (عربية فرنسية، انجليزية، أمازيغية، وصينية) الكتاب عبارة عن بطاقة هوية المسجد، وشهادة للتاريخ، وإبراز لتراثنا المعماري الزاخر وتثمين للكفاءات الوطنية وتعبير عن وجود في المحيط المغاربي والعربي والإفريقي والدولي.
نور الدين .ع